يضحك بصوت عال، حين يتبادل مع الآخرين نكاتا على طفله الصغير، ناسيا أن الطفل يترجم الأقوال ليجعل منها قاعدة معلومات.
تقدم طفله الصغير يحاول النهوض، ولكنه في مراحل المشي الأولى فضحك والده، وأضحك من معه عليه، وآخر يصور طفله وهو يبكي، ويتلقى الكثير من التعليقات، التي قد تكون جارحة للطفل، وبالمقابل الطفل ينفعل أكثر، ويشعر بالخجل من نفسه، وأخرى تقول بضحكة: بنتي ما تشبهني، طالعة لأبوها، والكثير من الكلام الذي يسمعه الأطفال، من الكبار، ويصنع للأسف طريقة تفكيرهم، عن أنفسهم، ومدى رفضهم، أو تقبلهم لها.
المشكلة هي أننا نظن أن الطفل لا يعرف ما نقول، ولكن عقله يسجل كل ما يحدث حتى لو كان لا يفهم ليجعله صورا ذهنية في مرحلة النضوج تأتي وتذهب، لتشكل بداخله مصدر ألم، واهتزاز الثقة بالنفس، الطفل له وعي خصب ومستعد لأن يتشرب كل ما تقول ليصنع منه مفهوما، لذلك تجد أطفال اليوم، اكتسبوا وعيهم من معلومات مغلوطة عن أنفسهم.
أتى إلى أمه في أول تعلمه للكتابة ليريها خطه، فقالت: لماذا لا تكتب مثل أخيك، هذا التعليق يغرس انعدام الثقة في نفسية الطفل، ومحاولته دوما الضغط على نفسه ليرضي غيره.
نأتي للسخرية من شكله الخارجي، كالبدانة، وتداول النكات عليه كنوع من تبادل الضحك مع الآخرين، هذا الشيء تدمير ذاتي للطفل يجعله في الكبر غير قادر على محبة نفسه، وان يحب غيره، حين تؤذي الطفل معنويا قد لا يستطيع أن يرد عليك أو يدافع عن نفسه، لذلك يقوم بتسجيل ملاحظاتك على أنها رفض لوجوده، وبعد ذلك تبدأ رحلة التدمير الذاتي، في كل مرحلة عمرية تأخذ منحى واضحا في شخصيته كصعوبة تكوين علاقات، وخضوعه للمقارنات مع الآخرين، وعدم رضاه عما يقدمه، وطموحه الذي يفوق طاقته.
استغلالنا لأطفالنا بجعلهم مادة دسمة في اجتماعاتنا العائلية، أو مواقع تواصلنا الاجتماعية، فيه نوع من التخطي على حقوق الطفل، فما يحصل اليوم من تنمر بين الأطفال سببه انتهاك حقوقهم من قبل الآباء، بذلك إما تخلق شخصية ضعيفة، أو شخصية تتعدى على حقوق الآخرين، نوع من الانتقام الداخلي، لما سبق ومررت به، ولأن الطفل لا يستطيع أن يعاقب أهله فلا يجد إلا أن يعاقب نفسه.
نصيحة: التربية ليست مرحلة عمرية معينة وبعدها نهمل دورنا في كيفية إعداده نفسيا ومعنويا ليكون شخصا صحيحا، هذه مسؤولية جسيمة، فهي من تجعلنا نخرج بهذا الطفل للعالم الأكبر وإذا كان في بيئته الأم سويا سيصبح في محيطه إنسانا له دور، والأهم يعرف كيف يحتاط من أي تأثير.
هل تعلمون أن الأبناء الذين قاموا بارتكاب جرائم أو مخالفات كان السبب في ذلك البيئة التي خرجوا منها، كيف قيموا علاقتهم بأنفسهم من خلالها، هذه هي العلامة الفارقة في أي تحول سواء كان سلبيا أو إيجابيا في شخصية الأفراد. لا تصنعوا عنوانا قد يشكل في نفسيتهم فراغا من التساؤلات: هل أنا جميل؟ هل أنا مرغوب؟ والكثير من العبارات التي تأخذ بهم نحو مكان مجهول.
Dr_ghaziotaibi@