لم يبق في العمر متسع لنهدره يمنة ويسرة في إرضاء زيد وجبر خاطر عبيد، ولم تعد نفوسنا تقوى على كثرة «التشره» وزحمة المجاملات و«التحلطم» على كل شاردة وواردة.
ففي الواقع أن قلوبنا لم تعد تحتمل إيذاء وتنمر الجارحين، بل إن مضايقاتهم الممتدة وحديثهم المؤلم وتصرفاتهم العدوانية خلفت وراءها أجواء مسمومة خانقة وأدت الطموح وأحبطت الأفراد وشتت الجهود وعطلت عجلة التنمية، عجبا لكل الجارحين المتنمرين الذين اعتادوا على كسر الخواطر وإيذاء الآخرين وتسليط الضوء على النواقص، والاستمتاع في إطلاق الصواريخ الاستفزازية القادرة على فطر القلوب، وشل الجوارح ولكن للأسف يغفل الجارحون عن حقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وهي أن العلم غزير والعمر قصير، والجنة سلعة غالية تحتاج إلى مجاهدة وصبر، وإن أثقل ما في ميزان العبد يوم القيامة بعد التوحيد هو حسن الخلق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا».
أرهقنا التعامل مع هؤلاء المزعجين وخاصة المقربين منا والذين لا يمكن الفكاك منهم خذ على سبيل المثال لا الحصر علاقتنا مع زوج أو أخت متنمرة، تجدنا نقيم العلاقة معهم على مضض محتسبين الأجر من الله، بهم نجاهد أنفسنا ونقوم سلوكنا سائلين الله باسمه القدوس أن يطهر قلوبنا ويجملنا بحسن الخلق، الكلام يسير لكن المحك في التطبيق، فكل إنسان مسؤول عن أقواله وأفعاله، نسأل الله المدد والعون في ضبط النفس وحبس اللسان وتزيين القلب لله عز وجل.
لذلك قطعنا العهد على أنفسنا أن نزكيها ونشغلها بكل مفيد وجميل، فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وليس من المجدي أن ندخل في معارك جانبية نصرف فيها طاقاتنا وأوقاتنا وقدراتنا ونغفل عن هدفنا الأسمى وهو رضا الرحمن والفوز بالجنان.
كل الجارحين شكرا لكم..! تجربتي معكم علمتني الصبر وكظم الغيظ والعفو عند المقدرة، وصقلت أخلاقي وأخرجت أجمل ما في نفسي تعلمت التسامي عن سفاسف الأمور والإحسان إلى الخلق وغربلة العلاقات.
ebtisam_aloun@