اختطت منطقة أسواق المباركية لنفسها موقعا إستراتيجيا سياحيا مهما من الطراز الأول، واحتلت مكانة خاصة في قلوب الكويتيين والوافدين والسياح الخليجيين وزوار الكويت من بقية الجنسيات الأخرى، حتى أن هناك مقولة عند إخواننا الخليجيين تقول «اللي ما راح أسواق المباركية ما زار أو شاف الكويت»، والسبب ما تحتفظ به هذه الأسواق من مكانة تراثية متميزة بالطابع الشعبي والتاريخي القديم.
وتعتبر أسواق المباركية آخر ما تبقى لنا من المواقع التراثية التسويقية التاريخية المتفردة، إذ يتميز هذا السوق بعمارته اللافتة ذات الطابع القديم، والذي يعد اليوم من المعالم التراثية الفريدة في الكويت، حيث يضم العديد من الأسواق المعروفة مثل سوق الذهب وسوق العبي وسوق اللحوم والأسماك والخضار.. إلخ، فضلا عن انتشار المقاهي الشعبية والمطاعم الكويتية التي تقدم المأكولات والمشروبات الشعبية وغيرها.
احتل هذا السوق مكانة في قلوب كل من يعيش على هذه الأرض وتخطى بذلك الرغبة في التسوق إلى التنزه في أزقته وممراته لاستنشاق الماضي ورائحة آبائنا وأجدادنا، وكأننا نسمع أصواتهم وهمساتهم تطل علينا من بين «أسقف الجندل والباسجيل»، واصل جدرانه المشيدة من صخر البحر، حتى جاء طوفان زيادة إيجارات المحلات بنسب عالية وغير مدروسة وبما لا يتناسب مع التطوير والمحافظة على تراث الكويت، ثم حريق المباركية الذي أتى على أعداد كبيرة من أقدم وأعرق المحلات التراثية المتبقية، ليجرف هذا الطوفان جزءا مهما من تاريخ الكويت.
إن زيادة الإيجارات على أصحاب المحلات بهذا الشكل هو أول معول هدم وطمس لكل مقومات هذا الموقع التراثي المهم، لقد صمد أصحاب المحلات أمام هذه الزيادة فترة من الزمن، لكن سرعان ما هوت قواهم على مقاومتها، فترك بعضهم محلاته ليجرب آخرون حظهم، فكانت النتيجة مثل سابقيهم، فحركة السوق من البيع والشراء لم تكن كما كانت قبل زيادة الإيجار، وغير مجدية أو جاذبة لأفواج المستهلكين العاشقين لبضاعة هذا السوق ومطاعمه التي تقدم ألذ الأطباق المحلية التقليدية. وبالرغم من انه كان من اللافت للنظر والمفرح سابقا زحف إخواننا من الخليج إلى سوق المباركية للتبضع منه بسبب رخص ثمنه والتمتع بأجوائه، فإن رياح التغيير عصفت برواده وبهذه الأسواق، لتبدأ هجرة ثنائية غريبة، الأولى هجرة بعض المستأجرين لعدم قدرتهم على دفع إيجارات تعادل ثلاث أو أربع أضعاف ما كانوا عليه قبل زيادتها، والسبب الثاني قلة الزبائن، أما الهجرة الثانية فهي تناقص أعداد رواد هذه الأسواق بشكل مقلق.
ونود هنا أن نشير إلى أمرين مهمين سيعيدان بريق هذا السوق: الأول إعادة النظر بإيجارات عدد كبير من محلاته، ثانيا الإبقاء على اهم معالم وشكل الأسواق القديمة عند إعادة بناء المتضرر منها من حريق المباركية.
كلمة أخيرة: شكر وتقدير من كل وطني محب لأصحاب أكبر مصرف كويتي لمبادرتهم الوطنية ومشاركتهم المجتمعية بالتبرع لإعادة بناء أسواق المباركية المتضررة من الحريق.