- سلوى الجسار: تعديل القوانين يجب ألا يكون تكسباً اجتماعياً أو سياسياً بل لحفظ الحقوق
- لولوة الملا: إنشاء مركز إيواء كلل جهود الجمعية الثقافية النسائية في دعم حقوق المرأة
- ثقافة المجتمع الذكورية تجعل بعض النساء يتخوفن من الكشف عن العنف الذي تعرضن له
- لمى العثمان: قانون حماية المرأة من العنف مهم بالتوازي مع توفير مأوى للمعنفات
- عذراء الرفاعي: الحل ليس بتغليظ العقوبات بل بتوفير سبل الوقاية والحماية والعلاج
- سندس حمزة: القانون يجب أن يهدف لحماية النساء وأفراد أسرهن من أي معتد
لميس بلال
عقب موافقة مجلس الأمة أول من أمس على قانون «العنف الأسري» في المداولة الأولى، والمتضمن مضاعفة عقوبة العنف ضد المرأة سواء كان مرتكب الفعل زوجا أو خاطبا أو طليقا أو أحد الأصول أو الفروع أو الإخوة، تباينت آراء الحقوقيات والناشطات السياسات والاجتماعيات بين التأييد والرفض للتعديل المقدم، حيث أكدت الرافضات للقانون ان العنف لا يكون جسديا فقط وإنما يمتد للعنف النفسي والروحي والاقتصادي وغيره من الأنواع التي لم يتم تسليط الضوء عليها، مطالبات بسن حزمة من القوانين لحماية النساء من كل أشكال العنف على غرار قانون الطفل، مشددات على ضرورة وضع استراتيجية متكاملة لتوعية الطرفين قبل الزواج وتكوين الأسرة وأيضا رفع مستوى الوعي المجتمعي بتلك القضايا، لافتات الى أن تعديل القوانين يجب ألا يكون تكسبا اجتماعيا أو سياسيا بل لحفظ حقوق وكرامة الأفراد.
«الأنباء» التقت عددا منهن ورصدت الآراء ووجهات النظر المتعددة والتي أجمعت في أغلبها على ان قانون حماية المرأة من العنف مهم جدا ولكن لا بد من فهمه وتعديله بالشكل الذي يلبي متطلبات النساء، بالتوازي مع إيجاد مراكز الإيواء للمعنفات في عدد من المناطق، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، قالت مرشحة الدائرة الأولى وعضو لجنة الأسرة في جمعية الحقوقيين الكويتية عذراء الرفاعي: هناك مقولة دائما نسمعها وهي «آخر الداء الكي» ولقد جاء المقترح المقدم من النائبة صفاء الهاشم بإضافة مادة جديده في قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 وتنص على مضاعفة العقوبات المنصوص عليها في المواد 160 و161 و162 و163 و164 إذا كان مرتكب الفعل زوج الضحية أو خاطبا أو طليقا أو احد الأصول أو الفروع أو الإخوة أو كافلا أو شخصا له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلف برعايتها أو كان المعتدي على الضحية قاصرا أو مصابا بضعف قواه العقلية، وهذا المقترح الذي تقدمت به ليس هو الحل الذي نحتاج اليه لعلاج قضية العنف ضد النساء في الأسرة.
حماية الأسرة
وأضافت الرفاعي: يعد العنف القضية الازلية التي وجدت منذ بدء الخليقة وليس الحل في تغليظ العقوبات، بل بإيجاد سبل الوقاية والحماية والعلاج ثم العقاب لا اعلم لماذا يتجه المشرعون إلى زج المعنف داخل السجون وإيقاع اشد العقوبات به وكأنهم يودون تفكيك الأسرة قبل ان يضعوا الحلول الوقائية والحماية والعلاج، نعم يجب علينا مكافحة العنف الأسري، وذلك بتشريع قانون وقاية وحماية وعلاج بدلا من السجن والغرامات المالية المبالغ فيها ولو كان المشرّع ينظر الى الأسرة كما ورد في الدستور لعلم أهمية الأسرة وسموها وكان عليه وضع استراتيجية متكاملة تبدأ قبل الزواج وتكوين الأسرة وإنجاب الابناء ورفع وعي المجتمع وحث الخطباء في المساجد على تسليط الضوء على الأسرة ومعاملة النساء والابتعاد عن العنف وتكثيف البرامج المرئية والمسموعة، وتأهيل المقبلين على الزواج ووضع عقوبات بديلة لمرتكب العنف عن طريق إخضاعه لعدة دورات تدريبية تجعله رجلا صالحا قادرا على إدارة غضبه، نعم نريد المحافظة على النساء في الأسرة ولكن ليس بتغليظ العقوبات، وكما ان المشرّع في قانون الجزاء جاء بعقوبات مغلظة في حال اصبح الاعتداء جسيما، وعند الرجوع لقانون الجزاء علينا الغاء المادة ٢٩ التي تلغي الجريمة اذا كان الفعل استعمالا لحق التأديب من شخص يخول له القانون هذا الحق بشرط التزامه الحدود.
أبعاد متعددة
بدورها، قالت عضو مجلس الأمة السابق د.سلوى الجسار ان موضوع العنف ضد المرأة من الموضوعات المهمة والحساسة جدا التي تأخذ أبعادا اجتماعية ونفسية خاصة أنه يسلط الضوء على عنصر مهم يمثل نصف المجتمع وكما أن أشكال العنف ضد المرأة تأخذ عدة أشكال، فهناك العنف اللفظي وغير اللفظي والنفسي والعاطفي والجسدي والفكري، ولا شك ان قانون الجزاء ١٦/١٩٦١، وقوانين أخرى تناولت عقوبات حالات العنف ضد المرأة، لذا تقديم مقترح بتعديل أو إضافة مواد جديدة يجب أن يكون بناء على نتائج دراسات مسبقة أو مراجعة لقصور بتشريعات قائمة، لأن القوانين في حالة تقديم طلب تعديل أو إضافة لها تعكس حاجات الأفراد، وبالتالي القوانين لا يجب مناقشتها بشكل محدود لأن النتائج قد تأتي مغايرة لما هو مطلوب.
وتابعت: فمثلا ماذا عن العنف المتبادل فإذا كانت المرأة تمارس العنف ضد الرجل فما هو وضع الرجل، فنحن لا نريد التمييز في تعديل القوانين، ولكن نريد مراجعتها في حالة وجود قصور في التشريع قد يحدث خللا في المحاسبة لضمان حقوق المرأة والرجل، كما أن تعديل القوانين يجب ألا يكون تكسبا اجتماعيا أو سياسيا، فالقانون وضع لحفظ كرامة الأفراد وإحقاق الحقوق دون إخفاق، ونؤكد هنا ان تزايد معدلات العنف ضد المرأة لا يكون فقط من منظور قانوني، وإنما الوعي والتمكين الاجتماعي للمرأة مهم جدا لمساعدتها في فهم حقوقها وكيفية المطالبة بها، فكثير من النساء قد تجهل نوع العنف الذي يجب ان تعلن عنه لتحمي نفسها من تكرار ممارسات العنف ضدها خاصة نحن في مجتمع مازال تسيطر عليه الذكورية، وثقافة المجتمع تجعل بعض النساء تتخوف من الكشف عن العنف الذي تتعرض له.
إيواء المعنفات
من جانبها، قالت رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية لولوة الملا: إن إنشاء مركز إيواء كان مكملا لجهود الجمعية في دعم حقوق المرأة في الكويت وحمايتها من كل أشكال التمييز والعنف وإنصافها، ولكن للأسف مبنى الايواء الذي سعينا له وتم افتتاحه كان خاليا من الأثاث والتجهيزات والموظفين وغير مؤهل لاستقبال المعنفات، وهذه نقطة ضعف في ظل عدم وجود مركز للايواء للنساء المعنفات وحمايتهن في الكويت.
وذكرت الملا أن الجمعية تهدف لإنشاء مراكز لإيواء ضحايا العنف من النساء وإمكان تطبيقها في الكويت مثل نظيراتها في دول المنطقة، بما يراعي طبيعتها وخصوصيتها الثقافية، مبينة أن المشروع واجه تحديات عدة في ظل عدم وجود تشريعات لمواجهة قضية العنف ضد المرأة.
السلطة الذكورية
من ناحيتها، قالت الناشطة لمى العثمان: في مجتمعنا تفرض السلطة الأبوية والأخوية والذكورية والمجتمعية على المرأة أنماطا وأعرافا وقوالب مقيدة لحريتها فإذا كسرت هذه القوالب وخرجت عن العادات والتقاليد والأعراف تكون قد أخطأت، فجزء كبير من العنف الأسري هو محاولة تقييد المرأة بهذه الأنماط والقوالب التي لا تستطيع ان تتحرر منها.
وأضافت العثمان: وجود قانون يحمي المرأة من العنف الأسري مهم وملح جدا بالإضافة الى وجود مأوى للمعنفات وضحايا العنف الاسري غاية في الأهمية، خاصة أنها توجد في جميع الدول المتقدمة، كما أن العادات والتقاليد العشائرية والقبلية هي التي تفرض على النساء السكوت والتحمل والصبر، فالمرأة ممنوع عليها أن تسكن بمفردها، مؤكدة أن موضوع المرأة المعنفة وضحايا العنف الأسري كارثي بحد ذاته، وأنا مع أي قانون يحمي المرأة من العنف الأسري بالإضافة لحمايتها كشخص وليس فقط بمضاعفة العقوبة.
حماية شاملة
وفي السياق ذاته، قالت الناشطة سندس حمزة: أنا لست ضد أي قانون يساعد المرأة لكن الاقتراح تقليل من شأن القانون الكبير الذي قدمناه والذي يتناول العنف ضد المرأة في جميع مجالاته سواء العنف الجسدي أو النفسي أو المادي وغيره، ولا نرفض أي قانون لحماية المرأة من العنف، ولكن الأهم من النظر الى كل قانون على حدة، فالعنف الأسري ليس فقط جسديا وإنما أيضا إيذاء نفسي وجنسي واقتصادي وقد قدمنا اقتراحا بقانون عام 2017 لحماية المرأة من العنف الأسري ليضمن هذا القانون مجاميع كثيرة للحماية من هذا العنف بالاضافة الى تقديم المأوى للمعنفات وإرشاد أسري ومساعدات قانونية وخط مباشر وتوعية الرأي العام بآثار العنف الأسري وتدريب الموظفين لتطبيق القانون والذي قدمناه للجنة المرأة في ذاك الوقت، فبالتالي عندما نأخذ القانون ونجزئه ونسلط الضوء فقط على العنف الجسدي، فهذا يقلل من أهمية القانون فنحن نهدف لحماية المرأة من أي متعد عليها وعلى أفراد أسرتها، لافتة الى أهمية تجميع القوانين تحت مظلة واحدة والقانون الشامل الذي قدمناه من المفترض ان يعرض على مجلس الأمة قريبا.
وأضافت، نطمح لإيجاد حزمة من القوانين لحماية المرأة من العنف الأسري لا لتقديم اقتراحات وتفكيك القانون الأساسي ورسالتنا التي نهدف لها بوضع حزمة قوانين مثيلة لقانون حماية الطفل من العنف.
أريج حمادة: محاربة التمييز والظلم ضد المرأة يجب أن تبدأ من المنزل
قالت المحامية أريج حمادة إن محاربة التمييز والظلم ضد المرأة، يجب أن تبدأ من المنزل لأنه إذا لم تكن المرأة آمنة في منزلها، فلن تشعر بالأمان في أي مكان، موضحة أن تعديل قانون العنف الأسري، ينص على تضاعف العقوبات المنصوص عليها في المواد 160 و161 و162 و163 و164 اذا كان مرتكب الفعل زوجا للضحية أو خاطبا أو طليقا أو احد الاصول أو الفروع أو احد الاخوة أو كافلا أو شخصا له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلفا برعايتها أو كانت الضحية قاصرا أو مصابة بضعف في قواها العقلية، وكذا في حالة العود.
وأضافت حمادة: بالاطلاع على المواد المذكورة في الاقتراح نجدها مواد خاصة فقط بالعنف الجسدي واللفظي كالضرب أو السب والشتم، بينما هناك أساليب كثيرة فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة، لذلك يجب توسيع تعريف العنف ليشمل مفاهيم عديدة منها الإكراه والسيطرة والمطاردة وإساءة معاملة الزوجة والإكراه على الحمل أو الإكراه على وقف الحمل وان يشمل الأذى النفسي الخطير الناشئ عن التعرض للعنف الأسري وكذلك الاغتصاب الجنسي بالإضافة الى تعمد نقل الأمراض والفيروسات الجنسية للزوجة مما يؤثر على صحتها وصحة أطفالها وأيضا العنف الاقتصادي بحرمانها من المال، حيث تنص المادة 160 من القانون على ان كل من ضرب شخصا أو جرحه أو ألحق بجسمه أذى أو اخل بحرمة الجسم، وكان ذلك على نحو محسوس، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز ألفي روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين، والمادة 161 تنص على ان كل من احدث بغيره أذى بليغا، برميه بأي نوع من أنواع القذائف، أو بضربه بسكين أو أي آلة خطرة أخرى، أو بقذفه بسائل كاو أو بوضعه هذا السائل أو أية مادة متفجرة في أي مكان بقصد ايذائه، أو بمناولته مادة مخدرة، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات، ويجوز أن تضاف اليه غرامة لا تجاوز عشرة آلاف روبية.
وتابعت: اما المادة 162 فتنص على ان كل من احدث بغيره أذى أفضى الى إصابته بعاهة مستديمة يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز عشر سنوات، ويجوز ان تضاف اليه غرامة لا تجاوز عشرة آلاف روبية، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمسة سنوات وبغرامة لا تجاوز خمسة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين اذا أفضت أفعال الاعتداء الى إصابة المجني عليه بآلام بدنية شديدة أو الى جعله عاجزا عن استعمال عضو أو اكثر من أعضاء جسمه بصورة طبيعية خلال مدة تزيد على ثلاثين يوما دون ان تفضي الى إصابته بعاهة مستديمة، أما المادة 164 فنصت على ان كل من تسبب في جرح احد أو إلحاق أذى محسوس به عن غير قصد، بأن كان ذلك ناشئا عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة للوائح، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين، مؤكدة انه يجب إضافة قواعد الإثبات الجديدة وإضافة مواد تمنح الضحية فرصة الاستماع إليها فيما يتعلق بالخطر الذي يشكله المدعى عليها وإلزام الشرطة بذلك لحمايتها وأبنائها من الضرر.
وذكرت أن تعديل القانون بها العديد من الثغرات لأن العنف ضد الأشخاص بشكل عام يختلف عن العنف ضد المرأة لأن لها وضع خاص يتعلق بالأسرة، ونحن بحاجة الى تشريع قانون خاص يطلق عليه قانون العنف ضد المرأة ليكون شاملا جميع الحالات لا تعديل مادة واحدة بطريقة عامة.