- أم سدرة: الظروف تخيرني بين التخلي عن طفلة عمرها عام أو جنين لم يرَ النور بعد
- هبة: فقدت والدتي وأغلى ما أملك.. وحرمت من بناتي ومستقبلهن التعليمي أصبح في خطر
دعاء خطاب
Doua_khattab
لا شك أن تبعات فيروس كورونا المستجد ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة، ولعل بعض القوانين التي تتخذها الدول للمحافظة على سلامة مواطنيها وأمنها الصحي وهي حق لا ينكره أحد، إلا أنها تخلف قصصا ذات بعد إنساني لا تقوى الضمائر الحية على تجاهله.
وفي هذا السياق، استمعت «الأنباء» إلى شكاوى بعض أسر العالقين خارج الكويت ورصدت المعاناة، وفيما يلي التفاصيل:
تدور أحداث القصة الأولى حول حرمان أم من ابنتها وقرة عينها، حيث تروي «أم سدرة» والتي تعمل مدرسة في وزارة التربية، معاناتها قائلة: «أعيش في الكويت منذ 5 سنوات برفقة زوجي ولدينا ابنة شاءت الظروف أن أقوم بإرسالها إلى مصر».
وأضافت الأم أن معاناتها تتلخص في أن ابنتها غادرت إلى مصر في 29 ديسمبر الماضي، نظرا لظروف صحية تتعلق بحملها غير المستقر فهي ممنوعة من الحركة بأمر الأطباء، ولم تكن قادرة على رعايتها، ولهذا السبب قررت إرسالها إلى مصر حتى يستقر وضعها الصحي، إلا أنه وفي أول مارس الماضي، عندما كانت تنوي الحجز لعودة ابنتها، فوجئت بقرار وقف الطيران، بسبب الإجراءات المتبعة للوقاية من فيروس «كورونا» المستجد.
وذكرت أن ابنتها موجودة في مصر مع والدتها وشقيقتها، مؤكدة أن والدتها ووالدها من كبار السن وشقيقتها سيتم عقد قرانها هذا الشهر، مؤكدة أنها لم تجد سبيلا لعودة ابنتها إلى حضنها من جديد، مشيرة إلى أن ابنتها من مواليد 28 أكتوبر 2018، مما يعني أن عمرها عام و9 أشهر، لافتة إلى أنها لجأت إلى إحدى زميلاتها حتى تأتي لها بابنتها، وقامت بالفعل بعمل توكيل في السفارة، مؤكدة أنها لا تعترض على أي قوانين، ولكن كل ما في الأمر أنها تبحث عن «التماس» أو شيء من هذا القبيل حتى تستطيع عودة ابنتها قائلة: «كيف أقوى على ترك ابتني في العمر ده مين هيراعيها»، وكيف تستطيع البقاء 14 يوما في بلد ترانزيت مع شخص لا تعرفه، وكيف ستتحمل زميلتي مشقة الاعتناء بطفلة صغيرة طوال هذه المدة؟».
وأكدت المعلمة آية أن وزارة التربية قد أوقفت «الخروجيات» وأنها في منتص ف الشهر التاسع من الحمل، وهذا يمنع أي طبيب في الكويت بالموافقة على منحها تصريحا بالسفر.
وقالت: حتى لو سافرت لمصر لإحضار ابنتي فمطلوب مني البقاء على الأقل 4 أيام في مصر، لعمل تحليل PCR، متسائلة كيف لابنتي التي سأضعها خلال أيام أن أتركها وكيف لي أن أقوم بفطامها وهي بعمر أيام، مبدية استعدادها لتوقيع تعهد بأن تكون ملتزمة بأي شيء، وأن تبقى مع ابنتها 14 يوما في الحجر المؤسسي داخل الكويت، موضحة أنها حتى لو انتظرت واستطاعت المغادرة إلى مصر، فمن الصعب أن تعطيها وزارة التربية «خروجية»، وحتى إذا وافقت الوزارة على ذلك، فستكون إقامة الطفلة قد انتهت، وعندما تعود إلى الكويت ستخضع للحجر 14 يوما على نفقتها الشخصية بخصم من راتبها.
وطالبت الجهات المعنية بتفهم الوضع، مجددة التزامها بالتعهد مقابل أن تظل موجودة في المنزل طوال فترة الحجر المنزلي برفقة ابنها، مؤكدة أن ما يمنعها من المغادرة نهائيا إلى مصر والعودة إلى ابنتها أنها عليها التزام «قرض مالي» كانت قد حصلت عليه من أحد البنوك بضمان عملها، ولا تستطيع أن تغادر دون أن تقوم بسداده لأنها أمانة واجبة السداد، مجددة طلبها بأنها تريد فقط عودة ابنتها إلى أحضانها من جديد.
لمّ الشمل
أما القصة الثانية فروتها لنا إيثار ياسر الفتاة التي تقيم بالكويت منذ أكثر من 10 سنوات برفقة بعض أفراد أسرتها وأشقائها الذين يدرسون في مدارس الكويت وتسعى إلى لمّ شمل شقيقتها التي تدرس بكلية الهندسة في مصر حتى تكون بجانبها في الكويت، خاصة أنها أقل من 21 عاما وتعيش بمفردها دون أسرة أو أقارب.
تقول إيثار إنها حاولت بالفعل أن تأتي بشقيقتها إلى الكويت في فبراير الماضي، لكن محاولتها باءت بالفشل، نظرا للظروف التي تعيشها الكويت ودول العالم جراء تفشي فيروس كورونا وما فرضته تلك الجائحة من قيود على حركة السفر، موضحة أنها لا توجد لديها أي مشكلة في أي إجراء من الممكن أن يأتي لها بشقيقتها، مثمنة دور وزارة الصحة في الحفاظ على أهل الكويت والمقيمين أيضا ومحاربة الوباء، قائلة: الحمد لله أرقام الإصابات بدأت تنخفض.
وجددت رغبتها في جلب شقيقتها من مصر وموافقتها على أي إجراء على مسؤوليتها الشخصية والمادية، مبدية استعدادها لتحمل كامل تكاليف إقامة شقيقتها عند حضورها إلى الكويت طوال فترة الحجر المؤسسي في أحد الفنادق، قائلة: لو أن شقيقتي هنا في الكويت ولا قدر الله حدث أي مكروه أستطيع أن أكون بجانبها، مؤكدة أن فكرة «الترانزيت» في احدى الدول المسموح بالقدوم منها مطروحة، لكنها ليست أفضل الأفكار، مبينة أنه لا أحد يستطيع أن يسافر إلى شقيقتها إذا وقع أي مكروه لا قدر الله، كما أنها في نهاية الأمر فتاة في بلد غريب وبمفردها وأقل من 21 عاما، ومن الصعب الموافقة على مثل هذا الأمر.
وأكدت أن حكومة الكويت لطالما تبنت الموقف الإنساني، خاصة فيما يتعلق بأي حالة ظروف استثنائية، قائلة: «أتمنى أن أطمئن على شقيقتي وهي بيننا»، مؤكدة أنه في ظل الأوضاع الحالية التي تشهدها البلاد جراء تفشي «كورونا» أصبح الجميع في دائرة الخطر.
ضرر كبير
أما القصة الثالثة فروتها هبة مرسي وهي من العالقين خارج الكويت حاليا قائلة: لا أستطيع التعبير عن حجم الضرر الذي تعرضت له بعد حظر السفر من مصر إلى الكويت، حيث كنت أقيم منذ 8 سنوات مع زوجي وبناتي اللاتي التحقن بمدارس الكويت، وشاء الله أن تمرض والدتي وتطلب رؤيتي، وقد لبيت طلبها بالفعل وذهبت «ترانزيت» عبر الأردن وبقيت معها لمدة أسبوع حتى توفاها الله، واختلف بعد هذا الأسبوع كل شيء فقدت أمي وأغلى ما أملك وأغلقت بعدها جميع المطارات وتم تعليق الرحلات بين مصر والكويت وتشتت جمع العائلة، حيث بقيت أنا وابنتي الصغيرة في مصر بينما زوجي وابنتاي في الكويت.
وواصلت هبة حديثها: ابنتي الكبيرة في سنة محورية بحياتها تريد أن تحصل على الثانوية العامة من الكويت وتلتحق بعدها بجامعة في مصر، ولن أستطيع أن أنقلها في منتصف العام الدراسي وأبعثر جهودها وأجبرها على التأقلم بشكل مفاجئ مع مناهج دراسية ووسط مختلف، خاصة أنها كانت من المتفوقات طوال سنواتها الدراسية، مضيفة: لا نعترض على القرارات التي ترى الدولة أنها للصالح العام، لكننا نطلب منهم النظر بعين الرحمة والإنسانية لحال أسرنا ومستقبل أبنائنا فنحتاج إلى تعديل وضعنا والاستعداد للعودة بشكل أكثر يسرا وسلاسة.