لا شك أن التحويلات المالية الخارجية تشكل شريان حياة للمئات من ملايين البشر حول العالم وتصب في معركة محاربة الفقر.
ارتفاع تحويلات الوافدين إلى الخارج ما هو إلا مؤشر على عدم عمل الحكومة أي إجراءات جدية للحفاظ على هجرة هذه الأموال، والتي بلا شك لو تم صرفها في البلاد لكان من مصلحة الوطن والمواطنين.
يعمل في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تعتبر من أكثر الدول التي تستقطب عمالة أجنبية أكثر من 20 مليون عامل أجنبي، ويحولون أكثر من 100 مليار دولار سنويا إلى بلدانهم لتسهم في دعم اقتصادات دولهم الفقيرة. الاقتصاد الخليجي قائم على العمالة الأجنبية ويشكلون أكثر من 50% من القوى العاملة.
على حسب الأخبار المعلنة، فإن تحويلات العمالة الوافدة في الكويت في السنوات الثلاث الأخيرة كانت بمعدل 5 مليارات دينار سنويا تقريبا.
وإن كانت التحويلات من العاملين تزيد عن 20% من إجمالي الناتج المحلي، فإن ذلك يدق ناقوس الخطر للنظر في هذا الأمر.
خرجت اللجنة المالية البرلمانية السابقة بالموافقة على مشروع قانون يجيز فرض ضريبة على التحويلات المالية للوافدين.
على سبيل المثال، لو تم تطبيق ضريبة على التحويلات التي بلغت 50 مليار دينار في آخر 10 سنوات والضريبة فقط 2% لكان الناتج مليار دينار.
في المقابل يقول البعض إن فرض الضرائب على التحويلات وإن كان مجديا على المدى القصير، ويمكنها توفير دخل غير نفطي، سيحمل معه تكاليف طويلة الأجل تفوق الفوائد قصيرة الأجل بكثير.
فمن شأن فرض الضريبة دفع هذه التدفقات إلى قنوات غير منظمة، فسيلجأ الوافد إلى التحويل عن طريق الأصدقاء، الزملاء المسافرين، وقد ينشط السوق السوداء. كذلك قد يساهم فرض الضريبة على التحويلات في دفع العاملين المغتربين إلى الانتقال إلى بلدان أخرى.
إذا كان ينظر إلى التحويلات المالية على أنها بمنزلة تسريب في الاقتصاد، فيجب على الحكومات أن تتخذ تدابير مثل تحفيز الاستثمارات المحلية، وخاصة في العقارات والأسهم بالنسبة للأجانب، زيادة الفرص لتجميع العائلات، وغيرها من أمور بدلا من فرض الضريبة.
٭ الخلاصة: ليس هناك شك أن للدول الحق بالتفكير في طرق مبتكرة لزيادة إيراداتها، ولكن يجب دراسة الموضوع من المختصين والنظر إلى جميع الأبعاد وأفضل الحلول المتاحة.
فهي ليست قضية بين فريقين، وهي ليست مسألة عشوائية في فرض ضرائب دون دراسة مستفيضة، ولكن يجب النظر في هذا الملف بشكل جدي، ولا يترك للزمن دون أي إجراء تصحيحي.
يجب التوسع في النظر أيضا لهجرة أموال المواطنين المصروفة في السياحة والاستثمار والتسوق، وهجرة أموال التجار المصروفة في القطاعات التجارية والاستثمارية المختلفة، وكذلك العمل على جذب رؤوس الأموال في شتى المجالات.