تحتفظ معظم وزارات الصحة بصندوق أسود مثل صندوق الطائرة وبه أهم المعلومات عن النظام الصحي والتي تستخدم للتاريخ ووضع وتنفيذ الخطط والبرامج والاستراتيجيات ومتابعتها، وفي وزارة الصحة بالكويت عدة صناديق سوداء، فمنها أهم تقارير المسوحات الصحية عن صحة الأسرة عام 1996 وتقرير المسح الصحي العالمي عام 2013 وتقرير عوامل الخطورة للأمراض المزمنة غير المعدية، وتقارير صحة الكويت والسجل الوطني للسرطان وتقرير الترصد التغذوي، وجميع تلك المصادر تعتبر أدوات مهمة للتخطيط السليم بناء على مؤشرات علمية، ولا بد من المحافظة عليها والعناية بها، فهي ليست سوداء، ولكن اللون الأسود يعني أنه إن لم نتبع تلك المؤشرات فإن التخطيط سيكون أسود، لأنها هي أهم المصادر للتخطيط.
إن الكويت كانت سباقة في تنفيذ توصيات منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة وفي تحديث المؤشرات التي يمكن بناء الاستراتيجيات عليها للتخطيط السليم، حيث إن تلك المؤشرات لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال المسوحات الصحية والتي يجب إجراؤها بمعدل كل خمس سنوات.
وفائدة المسوحات إجراء المقارنات العلمية بين الدول المختلفة فلا يجوز الترويج الخاطئ بأن الكويت بها أعلى معدلات للسمنة على مستوى العالم، بينما لا يوجد ما يؤيد هذا القول في تقارير المسوحات الصحية الدولية.
إن أحد أهم أسباب فشل الاستراتيجيات هو عدم متابعة مؤشرات الأداء أثناء تنفيذ الاستراتيجية، فيظن البعض أنهم بمجرد أن قاموا بالتخطيط فستتحقق الاستراتيجية بشكل تلقائي، ولكن الحقيقة أن التنفيذ الاستراتيجي والإدارة الاستراتيجية هي أهم عامل يؤثر على تحقيق الاستراتيجية.
وإن إجراء المسوحات يحتاج إلى مهارات وكفاءات علمية، وليس بالأمر السهل أو مجرد تجميع أرقام ليست لها علاقة بالواقع، إذ يجب تحديث هذه المسوحات كل خمس سنوات حتى تتوافر لدينا المؤشرات الصحية الحديثة التي يمكن بناء الخطط والبرامج عليها بما يتواكب مع ما يستجد من معلومات، وبذلك يمكن تحقيق النقلة النوعية في منظومة المعلومات الصحية الحديثة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.