بادئ ذي بدء أسأل المولى عز وجل أن يحفظ هذا البلد وأهله ومن فيه من كل مكروه، وأن يجعله آمنا بإذنه، ثم إن العفو عن قدرة خلق عظيم ونهج قويم ورأي رشيد سليم، ولا يعود إلا بالخير، كما أنه ذروة سنام الإحسان وقمة النبل والسؤدد وخلق عظيم، اتصف به الأنبياء والرسل والصالحون فهو نهج إسلامي رائع خص به الله تعالى من أحب من عباده، لما يدخره لهم من حسن ثواب يوم يلقونه، والعفو رحمة إلهية، وأجمله ما كان عن قدرة وفي وقت أحوج ما يكون له المحكوم، ولله در الحطيئة حيث يقول:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
ولنا في نبي الهدى عليه أفضل الصلاة والسلام القدوة الحسنة حينما قال لقومه وقد أصبح مصيرهم بيده: أقول ما قال أخي يوسف «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء».
أيها السادة إن ما قامت به القيادة الرشيدة من عفو عن عدد من الأشخاص المحكومين داخل البلاد وخارجها إنما يزيدنا لهم حبا على حب وولاء على ولاء، وليس هذا الأمر بمستغرب على صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله، حيث تبنى سموه هذه الفكرة، وليس بمستغرب أيضا على سمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله، ولا على رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، ولا من سبقهم من حكام، ولا حتى من يأتي بعدهم، فشجرة الخير لا تطرح إلا الخير، أغصانها المودة والتآلف والتراحم وفروعها العدل والإنصاف والمودة وغرسها التواضع والتسامح.
ومن ثمرات العفو وهي كثيرة، الأمن والأمان والاستقرار، وهذا ما نحن بحاجة إليه، وكذلك مراجعة النفس، وتدارك الأخطاء وفتح صفحة جديدة لهؤلاء الناس، وتهيئة الأجواء المناسبة لتعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتصحيح المسار، وفيه أيضا مصلحة البلاد والعباد.
إن صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله، أضاف لسجله المشرف هذه المكرمة، وأراح هؤلاء المحكومين من همّ لازمهم سنين، وأراح أسرهم ولم شملهم بأهاليهم، فجعلها الله في ميزان أعماله وألبسه الله ثوب الصحة والعافية.
روي عن جعفر الصادق أن غلاما له وقف يصب الماء على يديه، فوقع الإبريق من يد الغلام في الطست فطار رشاش الماء في وجه جعفر فنظر إلى الغلام بغضب شديد، فقال الغلام: يا مولاي والكاظمين الغيظ، فقال: قد كظمت غيظي، قال: والعافين عن الناس، قال: لقد عفوت عنك، قال: والله يحب المحسنين، قال: أنت حر لوجه الله تعالى.
وبعد هذا العفو الكريم الذي جاء من والد كريم، نبارك للمشمولين به ونوصيهم بفتح صفحة جديدة مع الوطن، وأن يقابلوا الإحسان بالإحسان، ويردوا التحية بأحسن منها وهم يعلمون أن الكويت بحاجة إلى كل أبنائها فليكونوا أبناء بررة لها وليحفظ الله الكويت وأهلها من كل مكروه، ودمتم سالمين.