وباء كورونا الجديد حدث عالمي كبير وغير مسبوق، شل اقتصاديات الدول كلها، وأربك حركة التجارة والأعمال، ما تسبب في خسائر فادحة لكثير من الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، تبعه خسارة آلاف الموظفين والعمال لوظائفهم ومصدر رزقهم، الأمر الذي تطلب استنفار حكومات العالم للتحرك من أجل إنقاذ اقتصادها وبالتالي إنقاذ حياة الناس، فالاقتصاد هو شريان الحياة في أي دولة.
***
في ألمانيا، بدأت الحكومة بحزمة إجراءات لدعم اقتصادها الوطني قبل أسبوعين، وضعت لها ميزانية تقدر بـ 550 مليار يورو، وصفتها الصحافة الألمانية بأنها أكبر إجراءات اقتصادية استثنائية منذ الحرب العالمية الثانية، وقال وزير المالية ونائب المستشارة أولاف شولتز «لا يوجد حد أقصى لتقديم الدعم، تلك هي رسالة الحكومة للشركات الوطنية».
كما أكد وزير المالية الألماني أن الأولوية ستكون للشرائح الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تعطل الأعمال، مثل شركات النقل والسياحة والمطاعم وغيرها.
كما قرأت تصريحا رائعا لوزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير قال فيه «لن نترك الشركات تفشل بسبب نقص المال».
فرنسا أيضا أعلنت حزمة مساعدات لدعم الشركات والموظفين المتضررين من تعطل مصالحهم بسبب كورونا بقيمة 45 مليار يورو.
وفي بريطانيا، أعلن وزير المالية ريشي سوناك أن الحكومة ستتحمل 80% من رواتب العمال الذين لا يستطيعون الذهاب لأعمالهم، كما أعلن عن تخصيص الحكومة مبلغ 330 مليار جنيه استرليني لدعم الشركات المتعثرة، إضافة إلى 20 مليار جنيه على شكل خفض ضرائب عليها.
وفي أميركا أعلن الرئيس ترامب تخصيص مبلغ تريليون دولار لمواجهة التبعات الاقتصادية لوباء كورونا، منها مساعدات لمن خسروا وظائفهم ودعما للشركات المتعثرة وغيرها.
الخلاصة، دول العالم كلها تبذل جهودا كبيرة لمواجهة تأثير هذا الوباء القاتل على الصحة وعلى الاقتصاد، وهذا ضروري حتى لا تنهار الشركات والأعمال ويفقد الناس وظائفهم ومصدر رزقهم وتتحول الدول لغابات يتقاتل فيها البشر على الموارد كما تتقاتل الحيوانات في الغابة.
***
في الكويت.. بفضل الله قامت الحكومة بجهود كبيرة ورائعة حتى الآن لمواجهة هذا الوباء وآثاره السلبية، باستثناء الكبوة الخطيرة مع بداية الأزمة، والتي نتمنى أن تكون درسا للجميع حول خطر الانتهازية السياسية التي ستدمر الجميع إذا لم نتعلم من أخطائنا.
ولأن الانتهازية السياسية وكذلك الاقتصادية بدأت تطل برأسها من جديد في موضوع الدعم الحكومي للاقتصاد الوطني والشركات، فلابد أن نتوقف قليلا ونتأمل في الخطر المدمر الذي قد يصيبنا إذا لم نحسن التصرف ونقدم المصلحة العامة على المصالح الفردية الضيقة.
دعم الشركات الوطنية ضرورة، أما نهب أموال الدولة بالباطل فهو خطر كبير.
نعم لمساعدة الشركات الوطنية المتعثرة وللموظفين والعمال العاملين في الشركات التي فقدت أسواقها، نعم لدعم قيام صناعات وطنية جديدة تلبي حاجة البلاد من المواد الغذائية ومتطلبات الحياة الضرورية، نعم لدعم التجار الذين تضررت أعمالهم وتعطلت مصالحهم بسبب الوباء، فهذا دور الدولة والتجار جزء مهم من المجتمع، ولا يفوتنا الوقفات الكريمة لكثير من تجار الكويت دعما للحكومة والمجتمع في هذا الظرف الصعب.. أما محاولة استغلال الفرصة لنهب المال العام في هذا الوقت، أو التكسب السياسي في تعطيل ذلك، فهي خسة ونذالة لا تليق بأي إنسان شريف.
[email protected]