ما يرعبني أكثر من أخبار الفساد الذي استشرى مؤخرا، والذي يهدد اقتصاد الكويت ومكانتها بلا شك، هو الهدم المنظم للقيم والأخلاق الذي استشرى أكثر على يد كثير من مشاهير برامج التواصل الاجتماعي.
باختصار، كثير من هؤلاء الفاسدين زرعوا في عقول الشباب وهم الثراء الفاحش والسريع والسهل، من خلال ما يقدمونه من مادة إعلامية سطحية وسخيفة وكاذبة عن أنشطة تجارية وهمية، يعلم الجميع أنها ليست بالتأكيد مصدر كل هذه الملايين.
لا يمكن أن يكون الإعلان التجاري البسيط في برنامج تواصل اجتماعي سببا لكل هذه الملايين، نعلم هذا في صحفنا اليومية التي تعمل بالإعلانات التجارية منذ سنوات طويلة، ومع هذا تعاني من أوضاع مالية صعبة بالكاد تسمح لها بمواصلة دورها الوطني، فكيف بشاب صغير يتحدث بسطحية وسخافة عن سلعة بسيطة ويكون ثروة وتتضخم حساباته بالملايين خلال سنة أو أقل؟! هذا النموذج السيئ من ضعاف النفوس يقتل الطموح والفضيلة عند بقية الناس، ممن يكدحون طوال يومهم في عمل شريف ومن أجل رزق حلال، لا يمكن أن يستمر مجتمع بوجود أمثال هؤلاء الفاسدين، المجتمعات تبنى بالشرف والأمانة، لا بالفساد.
***
لا يخفى على أحد في الكويت الدور الكبير الذي يقوم به سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد في محاربة الفساد منذ توليه رئاسة الحكومة، ولا يخفى كذلك الدور الكبير للشيخ ناصر صباح الأحمد والذي لولا جهوده وتحركاته الدولية لما رأينا افتضاح هذا الكم الهائل من الفساد.
ولكننا لانزال في أول الطريق، وبصراحة، لم يعد أكثر الناس يقبلون بمجرد فضح المجرمين واستدعائهم للتحقيق، فهذا لا يكفي، بل سيكون أسوأ إذا خرجوا بعد ذلك وحصلوا على البراءة لعدم وجود دليل!
الكويت تعيش حاليا حربا حقيقية على الفساد، وإذا لم تسفر هذه الحرب عن تساقط رؤوس الفساد قبل أذنابهم، إذا لم يحاكموا ويدخلوا السجون وتسترجع الأموال المنهوبة للدولة، فهذا يعني أننا في طريق الدول الفاشلة التي تحطمت بالفساد وانهارت وتراجعت عملاتها وتصنيفاتها العالمية وأصبح الناس فيها يتقاتلون عند صناديق القمامة.. نحن لسنا أغنى من فنزويلا!
***
المرعب أكثر في موضوع «غسيل أموال المشاهير» هو أن كثيرا منهم ليسوا كويتيين، وهذا يطرح قضية التركيبة السكانية وضرورة مراقبة ما يجري من هدم للقيم على يد كثير منهم، فلا يعقل أن تترك الأمور هكذا لمجموعة ساقطة لا تحترم عادات ولا تقاليد ولا أخلاق، يتحدثون من الكويت ويشوهون صورة الكويت بلا رقيب أو حسيب.. غير معقول وغير مقبول أن يتفرج الناس حول العالم على شرذمة بلا حياء ولا أخلاق يدنسون اسم الكويت في برامج التواصل الاجتماعي وكأننا دولة بلا قانون!
***
يعول كثير من أهل الكويت اليوم على سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، والشيخ ناصر صباح الأحمد تحديدا لإنقاذ الكويت من هذا البلاء الذي تعاظم خلال السنوات القليلة الماضية، فيا سمو الشيخ صباح الخالد ويا شيخ ناصر صباح الأحمد، ويا كل شريف لا يقبل أن تصبح الكويت محطة لغسيل الأموال القذرة، ومنصة للساقطين، نرجوكم تحركوا بقوة واضربوا بيد من حديد.. الكويت تستحق أن نحميها ونضحي من أجلها.
[email protected]