جاءت نتيجة تصويت مجلس الأمن على مشروع قرار «تمديد حظر الأسلحة على إيران» قبل أيام مخيبة للآمال، وتحمل معها دلالات كثيرة، أهمها تراجع مكانة الولايات المتحدة الأميركية عالميا، وخسارتها الكبيرة لأقرب حلفائها (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا) الذين امتنعوا عن التصويت.
فعندما تصوت دولة واحدة ـ هي الدومنيكان ـ مع الولايات المتحدة من أصل 15 دولة في مجلس الأمن، فهذا يعني أن أميركا تخسر حلفاءها.. وتخسر مكانتها.
***
قبل أسابيع، عبر وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس عن غضب بلاده من تهديدات الرئيس ترامب بفرض عقوبات اقتصادية واسعة على ألمانيا وعلى جميع الشركات العاملة في مشروع «نورد ستريم 2» (مشروع نقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، بتكلفة 11 مليار دولار)، وبما أن هناك شركات أوروبية مشاركة في هذا المشروع، فقد شملتها تهديدات ترامب بالتبعية، ما خلق جوا من التوتر يضاف إلى الأجواء المتوترة أصلا منذ فترة طويلة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا منذ تولي ترامب الرئاسة، وصلت الى حد قيام الرئيس ترامب بسحب 12 ألف جندي أميركي من القواعد الأميركية في ألمانيا مؤخرا، بما فيها طائرات إف 16 ونحو 4 آلاف من القوة العاملة في قاعدة «شبانغداليم» الجوية، وفي هذا، قال الرئيس ترامب عبارته المفضلة التي يرددها كثيرا: «ألمانيا حققت ثروات عبر قواتنا وعليها أن تدفع!»، في خطوة أثارت الكثير من القلق والغضب لدى الألمان، ودفعت المستشارة ميركل إلى التصريح بقوة وحزم قائلة: «على أوروبا التفكير جيدا في مكانتها في الواقع الجديد الذي لن تسعى فيه الولايات المتحدة إلى لعب دور الزعيم العالمي».
***
في عام 2018 أصدر الرئيس ترامب قرارا يقضي بانسحاب بلاده من منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، كما قام في العام نفسه بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، على خلفية جهود دولية لمحاكمة الكيان الصهيوني المحتل على جرائمه، وقبل أشهر قام أيضا بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية، بعد فشل محاولاته فرض قرارات تدين الصين بانتشار فيروس «كوفيد ـ 19»، على أمل أن يتبع ذلك مطالبتها بتعويضات!
***
لا شك أن إدارة الرئيس ترامب وتعامله بشراسة وعنف مع الجميع، ابتداء من فريق العمل المحيط به، والذين تحول أغلبهم لأعداء يتسابقون إلى نشر «فضائحه»، وانتهاء بتهديداته المستمرة لحلفاء أميركا قبل خصومها بضرورة أن «عليهم أن يدفعوا»، تسبب في عزلة الولايات المتحدة، وخسارتها لمكانتها ودورها القيادي في العالم، وإظهارها كدولة تفتقر لأي رؤية استراتيجية، ولا يكترث رئيسها إلا بتحصيل أكبر قدر من المال، ما أعطى الفرصة لدول جديدة أن تدخل على الخط لتملأ هذا الفراغ، خاصة في الشرق الأوسط الذي بات يشهد دخول لاعبين جدد كل يوم.. آخرها محاولات فرنسا العودة إلى لبنان!
[email protected]